تناول تقرير خاص أصدرته شركة ABK Capital، الذراع الاستثماري للبنك الأهلي الكويتي، اتجاهات أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أنها كانت محور اهتمام كبير منذ أن شرع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في دورة رفع أسعار الفائدة عام 2022 لمكافحة التضخم. ومع أجواء التفاؤل التي واكبت قرار الاحتياطي الفيدرالي ببدء التيسير النقدي في سبتمبر 2024، إلا أن تعديله لتوقعاته في ديسمبر 2024، لتكتسب رؤية أكثر تحفظاً تجاه سياسة خفض أسعار الفائدة في عام 2025، قد خفف من ذلك التفاؤل إلى حد بعيد.
وأشار التقرير إلى أنه بعد ما يقرب من عقد من الزمن من الإبقاء على أسعار الفائدة قريبة من عتبة الصفر، شرع الفيدرالي الأمريكي في تنفيذ أشد دورات رفع أسعار الفائدة حدةً في مارس 2022، حيث رفعها من 0% - 0.25% إلى 5.25% - 5.50% بحلول يوليو 2023. وعندما أوقف رفع أسعار الفائدة موقتاً في يوليو 2023، هيمنت التكهنات حول توقيت وحجم التخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة على المناقشات طوال النصف الثاني من عام 2023 ومعظم فترات العام 2024.
وذكر التقرير أنه مع اتجاه التضخم بشكل مطرد نحو الانخفاض نحو هدف 2%، حوّل الفيدرالي تركيزه إلى تحقيق الاستقرار في سوق العمل وبدأ دورة التيسير النقدي في سبتمبر 2024، وقد لاقى هذا التحول في السياسة النقدية ترحيباً كبيراً من قبل أصحاب المصلحة في مختلف فئات الأصول والقطاعات، مبيناً أنه وبحلول ديسمبر 2024، كان الفيدرالي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس.
مزيد من التحفظ في خفض أسعار الفائدة
وذكر تقرير ABK Capital أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أعاد في اجتماعه في ديسمبر 2024، التركيز على التضخم، مشيراً إلى أنه على الرغم من تراجعه من ذروته في عام 2022، إلا أنه مازال أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2?، في وقت راجع توقعاته لخفض أسعار الفائدة لعام 2025، من 100 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس، بينما من المحتمل أن يوزعها على دورتي تخفيض.
وأفاد التقرير أنه مع بداية عام 2025، لا يزال توقيت وحجم التخفيضات الإضافية في أسعار الفائدة مسألة محورية بالنسبة لأطراف السوق، إذ أنه مع توقع تنفيذ سياسات حكومية جديدة أوائل عام 2025، يتوقع بعض المحللين، بما في ذلك بنك يو بي إس، أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة في يونيو وسبتمبر 2025، شريطة أن يتراجع معدل التضخم بأكثر من ذلك.
وبين أنه ونظراً لربط الدينار الكويتي بسلة عملات تشمل الدولار الأمريكي، فإن سياسات بنك الكويت المركزي تواكب السياسة النقدية الأمريكية ولكنها لا تلتزم بها في بعض الحالات، متابعاً أنه خلال دورة رفع أسعار الفائدة الأمريكية من مارس 2022 إلى يوليو 2023، وبينما رفع الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس، نفذ بنك الكويت المركزي زيادة أكثر تقييداً بمقدار 275 نقطة أساس.
وأوضح التقرير أنه مع بقاء معدل التضخم في الكويت أعلى من 2%، مدفوعاً باستمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، فمن المتوقع أن يتبنى بنك الكويت المركزي نهجاً تدريجياً في خفض أسعار الفائدة، كاشفاً أنه وبالنظر إلى أن زيادات بنك الكويت المركزي في أسعار الفائدة كانت تقارب نصف زيادات الفيدرالي، فإذا استمر الأخير في خفض أسعار الفائدة مرتين بإجمالي 50 نقطة أساس في عام 2025، فإن خفضاً مماثلاً في أسعار الفائدة من قبل بنك الكويت المركزي يعتبر خطوة منطقية، شرط أن يتخذ معدل التضخم اتجاهاً تنازلياً.
أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك الكويت المركزي
المصدر: ريفينيتيف
بنك الكويت المركزي
|
CBK
|
سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية الأمريكية
|
U.S. Fed Funds Rate
|
سعر الفائدة المتوقع على الأموال الفيدرالية الأمريكية
|
Expected U.S. Fed Funds Rate
|
تباين سياسات البنوك المركزية
لفت تقرير ABK Capital إلى أن البنوك المركزية الرئيسية تتباين إلى حد بعيد في توقعاتها بشأن أسعار الفائدة، ففي حين تبنى الاحتياطي الفيدرالي موقفاً أكثر حذراً تجاه المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، أعرب البنك المركزي الأوروبي عن انفتاحه على إجراء تخفيضات إضافية، مدعوماً بتراجع التضخم والنمو الاقتصادي الضعيف.
وذكر أنه في الوقت نفسه، يخطط بنك إنكلترا المركزي لتنفيذ تخفيضات تدريجية وغير متكررة في أسعار الفائدة في عام 2025؛ وأنه مع ذلك فإن استمرار التضخم وضعف سوق العمل قد يجبره على اتباع نهج أقوى.
ونوه التقرير إلى أنه على صعيد المنطقة، فقد قام مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي والبنك المركزي السعودي، وبعدما كانا في السابق يواكبان سياسة أسعار الفائدة مع سياسة الفيدرالي الأمريكي، بمحاكاة تخفيضات الفيدرالي لأسعار الفائدة استجابةً لاعتدال معدلات التضخم، مضيفاً أنه حتى ديسمبر 2024، بلغت أسعار الفائدة في الإمارات والسعودية 4.4% و5% على التوالي، مقابل 5.4% و6% في أغسطس 2024.
تأثير تخفيضات الفائدة في فئات الأصول
ذكر التقرير أن أسواق الأسهم العالمية تجاوبت في البداية على نحو إيجابي مع بدء دورة التيسير النقدي، فبعد أول خفض لسعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر 2024، حقق مؤشرا مورغان ستانلي العالمي وستاندارد آند بورز 500 مكاسب بنسبة 1.7% و2% على التوالي خلال الشهر.
ومع ذلك، ساد الحذر في ديسمبر 2024 عندما حوّل الاحتياطي الفيدرالي تركيزه مرة أخرى إلى التضخم، وبحلول 20 ديسمبر تراجع مؤشرا مورغان ستانلي العالمي وستاندارد آند بورز 500 بنسبة 2.3% و1.7% على التوالي خلال الشهر.
وعلى الرغم من أن الأسواق قد سعرت بالفعل نطاقاً أصغر من تخفيضات أسعار الفائدة لعام 2025، إلا أنه من المتوقع أن تستمر التقلبات، مدفوعة بالبيانات الرئيسية الصادرة عن التضخم والتوظيف والسياسات الحكومية، وقد يؤدي ارتفاع تقييمات الأسهم المرتفعة إلى تضخيم هذه التقلبات.
في الكويت، على الرغم من خفض بنك الكويت المركزي لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر 2024، أنهى المؤشر العام للأسهم الشهر في المنطقة السلبية. ومن المرجح أن يكون تراجع المؤشر قد تأثر بهيمنة القطاع المصرفي على أداء السوق والتوترات الجيوسياسية التي طغت خلال الشهر. كما بدا أن الحجم المتواضع نسبياً لخفض أسعار الفائدة قد أثر في القطاعات الأخرى. ومع موقف بنك الكويت المركزي الأكثر حذراً بشأن خفض أسعار الفائدة، فإن أي تخفيضات في عام 2025 قد تدعم القطاعات غير المصرفية؛ ومع ذلك، من المرجح أن يتوقف أداء السوق الأوسع نطاقاً على أرباح الشركات والظروف الاقتصادية.
الدخل الثابت
توقع التقرير أن تظل عائدات سندات الخزانة الأمريكية مرتفعة لفترة طويلة، مما يعكس تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة والخلفية الاقتصادية القوية. وبالنظر إلى نهج الاحتياطي الفدرالي القائم على البيانات في إجراء المزيد من التخفيضات، فمن المرجح أيضاً أن تشهد أسواق الدخل الثابت تقلبات متزايدة. وعلى الرغم من ذلك، من المفترض أن تدعم الأساسيات القوية للشركات سندات الشركات من الدرجة الاستثمارية، في حين أن الانخفاض الأخير في أسعار الفائدة قد يساهم في انخفاض معدلات التخلف عن السداد.
الائتمان الخاص
ازدهر سوق الائتمان الخاص، وهو فئة أصول بارزة بشكل متزايد، في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة. وحقق مؤشر كليف ووتر للإقراض المباشر، وهو معيار لأداء سوق الائتمان الخاص، عوائد إجمالية بنسبة 12% في عام 2023. وعلى الرغم من وجود مخاوف بشأن انخفاض العوائد مع انخفاض أسعار الفائدة، فمن المتوقع أن تظل فئة الأصول قادرة على المنافسة. ومع توقع أن تكون تخفيضات أسعار الفائدة معتدلة، من المرجح أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة نسبياً، مما يحافظ على جاذبية العوائد الحقيقية مع تراجع التضخم. وعلاوة على ذلك، قد يؤدي انخفاض تكاليف التمويل، إلى جانب استقرار الأوضاع الاقتصادية، إلى دعم المعاملات الائتمانية، في حين من المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليل مخاطر التخلف عن السداد بدرجة أكبر.
القطاع العقاري
من المتوقع أن يستفيد القطاع العقاري من تخفيضات أسعار الفائدة، حيث أن انخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة تمويل شراء العقارات ويعزز جاذبية القطاع كوسيلة استثمارية. في الكويت، خلال فترة انخفاض أسعار الفائدة السابقة التي أعقبت انحسار المخاوف من جائحة كوفيد-19 وعمليات الإغلاق في عام 2021، شهدت المبيعات والأسعار ارتفاعاً ملحوظاً، لا سيما في القطاع السكني. وفي الدورة الحالية لخفض أسعار الفائدة، من المتوقع أن يكتسب القطاعان التجاري والاستثماري زخماً في الدورة الحالية لخفض أسعار الفائدة، مدعوماً بعلامات انتعاش النشاط الاقتصادي غير النفطي. ومع ذلك، قد تظل المعاملات في القطاع السكني ضعيفة بسبب استمرار ارتفاع التقييمات.
المبيعات في القطاع العقاري الكويتي (بالمليون دينار كويتي)
المصدر: وزارة العدل
سكني
|
Residential
|
استثماري
|
Investment
|
تجاري
|
Commercial
|
وختاماً، توقع تقرير ABK Capital أن يستمر الانخفاض في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، ولكن بوتيرة معتدلة. ومن شأن هذا الخفض أن يواصل تأثيره الإيجابي في معظم فئات الأصول وقطاعات الاقتصاد، إلا أن هذا التأثير يبقى طفيفاً نسبياً في الوقت الحالي. وتظل مجموعة من العوامل الرئيسية تحت المراقبة الدقيقة لتحديد الاتجاه المستقبلي لأسعار الفائدة، وهي مستويات التضخم، وبيانات سوق العمل، وقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.